فراغ كان يجب أن يُملأ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حركات يدها
تكاد أن تنطق بما تريد أن توصله لي من أفكار بدت لي نوعاً ما كطلاسم
..تحتاج مني الكثير من الصبر لكشف خفاياها ..كان ذاك في المرة الأولى حين
أتت لي تفضفض بما في جعبتها من مخاوف .

لم يحتاج بوحها الكثير من الإصغاء مني حتى ينساب إلى أذني من غير توقف منها .

كان الحلم الذي أصرت أن أفسره لها مفتاح ردهة قلبها والطريق إلى تلك الروح الشفافة التي بدت لي مضطربة إلى حد ما.

أصبح لها الحلم دلالة على شيء ما يريد القدر أن يخبرها به لعل الكثير
يشترك في رغبتها هذه لكن الحلم غالباً ما يكون هاجساً وواقعاً نعيشه
نهاراً فينعكس في النفس ليلاً حلماً يحمل دلالات نفسية أكثر منها علامات
أو إرهاصات تدل على ما سيقع لنا .

بعد أن أكملت حديثها وانصرفت بعد أن اعتذرت أنها أشغلتني عن عملي ..تركتني
بعدها أفكر ملياً بما تتعرض له هذه الأخت ولعل الكثيرات معها ..

تتكلم عن حاجتها لمن يصغي لها, من تحمله همومها التي تبدو لنا ساذجة وتافه لكن لها لا ..تفتقد لمن يتفهم أخطائها من غير إساءة لها.

يدعها تتحدث له من غير تكلف ..تأتيه ثائرة ساخطة ..متعجبة هي من طريقته
الساحرة لامتصاص غضبها , لتصبح بعد حين سلسة في حديثها هادئة كقط صغير ..

تتكلم عنه كأنه لو كان ذاك الفارس الذي ترسم الفتيات الأخريات له في مخيلتهن المبدعة صور رائعة

حاولت أن الفت انتباهها إلى خطورة تطور عواطفها باتجاه هذا الإنسان بشكل يتجاوز المعقول

..فما زال لها هو في دائرة المحظور شرعاً , الممنوع حتى ولو من باب التمني أن يكون لها كمثله من الرجال زوج لها.

بررت تعلقها به أنها تحتاج من تأمنه وتستشيره فلا تخفيه سر من أسرارها ,لا
تشعر أمامه بالإحراج تكلمه كما لو أنها تكلم نفسها حتى حين انصرف إلى بناء
حياته الخاصة مع من اختار بمشاعره من النساء بقى الحنين له يضج في عروقها
..ليس بمقدورها ألان أن تتغلب على مشاعر قد نمت في قلب طفلة لم تتجاوز
التاسعة من عمرها نحوه..في ذاك الوقت المبكر من طفولتها جعلها مميزة في
حياته وحياة من حولهما من الأهل ..كان الأفق الممتد في نظرها نحو الأمان
الذي لم تلقاه في أي احد تقدم لها من الرجال بعد أن تجاوزت سنين الطفولة.

حتى حين حاولت ملئ الفراغ أخطأت , ما زالت تعتقد أن انسحابه من حياتها
..قد خلق ثغرة تسلل احدهم منها إلى حياتها ليستغل مشاعر ما زالت تبحث عمن
يحتويها ..هكذا وصفت ما مرت فيه حين غيابه .الأعجب أن تعترف أن الخطأ الذي
ارتكبته أن سمحت لغريب لن يكون حريص عليها أن يقتحم حياتها ويسرق أسرار
القلب التي لا يستحقها .كان هو فقط الأجدر بهذه المشاعر . إنها لا تبحث عن
الزواج ألان فكما تعتقد الزواج مقصلة الحب ونهاية قصة الشغف.

بعد ما سمعته منها أتسال من المسئول عن خلق مثل هذا الفراغ العاطفي في
قلبها ؟ هل الجفوة بين الأب والبنت ما يجعل البنت تتجه نحو غيره لتستجدي
منهم الحنان فتتورط بمثل هذه المشاعر المتخبطة؟ هل نحتاج الأب الصديق
للفتاة الذي يجيد الإصغاء لها ؟ ألا يحتاج الآباء لمراجعة دورهم الأبوي في
حياة البنت خاصة فقد يكون

هناك شيء غفلوا عنه من غير قصد.